للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكن ذلك على معنى أنه من أحسن معاملة أهله [١/ ٢٨١] فهو أفضل الناس وإنما هو كلام عربي يطلق على الحال والوقت انتهى بتلخيص غير مخل.

قلت: ولا يخلو كلام الشاشي عن تأمل وأما حديث الشيخين عن ابن مسعود بلفظ أحب الأعمال إلى الله الصلاة لوقتها ثم بر الوالدين ثم الجهاد في سبيل الله (١) فإنه دال على أنها أحبية مطلقة للصلاة على ما سواها من الأعمال لا كما قال ذلك البعض من أن المراد بالأعمال أنواع الصلاة، والأحبية بمعنى أكثرها محبوبية له لا أنه للأفضلية على أنه قد روي بلفظ: "أفضل الأعمال".

وأجاب ذلك البعض عن هذا وقال: قوله ثم ماذا تخرج على أنه لم يرد بحرف ثم الترتيب وإنما قيل ثم على معنى ثم ما الذي يحل محله ويحافظ عليه، وقد قال الله تعالى: {فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ في يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} [البلد: ١٣ - ١٧] ولم يكن ذلك على معنى تأخير الإيمان عن الإطعام وإنما كان على معنى أنه فكاك أو إطعام وكان مع ذلك من المؤمنين الذين هم أهل الصبر وأهل المرحمة.

قلت: ولا يخفى ما فيه من تكلف والأولى ما قدمناه في: أحب، في أول الشرح من أن الصلاة في وقتها أفضل الأعمال على الإطلاق ما عدا الإيمان فإنه معلوم أنه لم يرده السائل فإنه إنما سأل عن أفضل أعمال الإيمان لأنه الأفضل وهذه فروعه ولا أراد المجيب - صلى الله عليه وسلم - إلا ذلك وتصريحه في بعض الأجوبة بالإيمان ليفاد أنه أفضل الأعمال كلها وأفاده لذلك، وإن كان السائل ما يريده من باب الأسلوب الحكيم وبعد الصلاة في الأفضلية بالنسبة إلى معاملة العباد: بر الوالدين وبعده بالنظر إلى نكاية الأعداء: الجهاد كما في حديث ابن مسعود فثم


(١) أخرجه البخاري (٧٠٩٦)، ومسلم (٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>