للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا العمل -أي الإنصاف في الحكم على الأشخاص- يعطي ضوءا كاشفا تستطيع أن تستفيد منه الصحوة المباركة، فهي صحوة توشك أن تعطي ثمارها لولا ما يكدرها من تصرفات بعض ذوي النظرات القاتمة الذين يرمون العلماء والدعاة بالفسق والابتداع والميل عن مذهب السلف لأي زلة، لا يعذرون أحدًا، ولا يتقون الله في ظن مرجوح.

وهناك بعض آخر لا يستطيع العيش إلا بالطعن على المخالف، ونسيان محاسنه وكتمانها، فهؤلاء وأمثالهم تكفل الإِمام الذهبي بالرد عليهم في سِفْرِهِ العظيم سير أعلام النبلاء.

وقلت أيضاً: هذا قول وكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وأما عن تناوله المسكر وغيرها من الأمور، هذه الأوصاف لا تمثل الواقع الحقيقي لما كانت عليه حياة يزيد بن معاوية، فقد بذل معاوية الجهود في تنشئته وتأديبه، إضافة إلى ذلك نجد رواية في مصادرنا التاريخية تساعدنا في دحض مثل تلك الآراء. كما أسلفت رأي ابن الحنفية.

كما أنه شهد له بحسن السيرة والسلوك حينما أراده بعض أهل المدينة على خلعه والخروج معهم ضده، فيروي ابن كثير أن عبد الله بن مطيع -كان داعية لابن الزبير- مشى من المدينة هو وأصحابه إلى محمَّد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر ويترك الصلاة ويتعدى حكم الكتاب، فقال محمَّد ما رأيت منه ما تذكرون، قد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة، قالوا: ذلك كان منه تصنعاً لك، قال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع؛ ثم أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر، فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا، قالوا: إنه عندنا لحق وإن لم نكن رأيناه، فقال لهم: أبى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>