للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

منها العباد ويأتي إليهم ما يحب أن يأتوه إليه ويجتنب منهم ما يحب أن يجتنبوه منه كما قال - صلى الله عليه وسلم -، فإن جرى منه ما يجري من البشر بادر إلى الإنصاف من نفسه قبل أن يطلب منه ذلك، وقد كان السلف - رضي الله عنهم - على هذا المنهاج قال ابن سعد (١) في الطبقات: إنه كان للعباس - رضي الله عنه - ميزاب في داره وكان يصب على المسجد وفي رواية: على بابه، فنزعه عمر - رضي الله عنه - فقال له العباس - رضي الله عنه -: والله ما شده إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عمر: والله لا تشده إلا ورجلك على عاتقي.

والحكايات عن السلف رحمهم الله كثيرة قال ابن القيم (٢) رحمه الله: الإنصاف من النفس يوجب عليك إذا حقوق الله كاملة موفرة وحقوق الناس كذلك وأن لا يطالبهم ما ليس له ولا يحملهم فوق وسعهم ويعاملهم بما يحب أن يعاملوه به ويعفيهم مما يحب أن يعفوه منه ويحكم لهم وعليهم بما يحب أن يحكم به لنفسه وعليها ويدخل في هذا إنصافه لنفسه من نفسه فلا يدعى لها ما ليس لها ولا يحقرها بتدنيسه لها وتصغيرها بمعاصي الله وينميها ويكبرها ويرفعها بطاعة الله وتوحيده وخوفه وإدامة التوكل عليه والإنابة إليه وإيثار مرضاته ومحابه على مراضي الخلق ومحابهم وينصف ربه من نفسه ففي أثر إلهي يقول الله: "يا ابن آدم ما أنصفتني، خيري إليك نازل، وشرك إليّ صاعد كم أتحبب إليك بالنعم وأنا غني عنك وكم تتبغض إلى بالمعاصي وأنت فقير إلى ولا يزال الملك الكريم يصعد إلى بعمل قبيح منك" وفي أثر آخر: "يا ابن آدم ما أنصفتني خلقتك وتعبد غيري ورزقتك وتشكر سواي". (ومواساة الأخ في المال) الأظهر أنه الأخ الخالص الذي له صداقة وأخوة وخلة كالذي واخى بينهم النبي - صلى الله عليه وسلم -


= رضي الله عنه وفق مرادهم.
(١) الطبقات الكبرى (٤/ ٢٠)، ومختصر تاريخ دمشق (١/ ١٦٠٧).
(٢) زاد المعاد (٢/ ٤٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>