فكتبت أنا الجواب إليه:
بالغت في الجود والإحسان والكرم ... وزدت في شرف الأخلاق والشيم
وما رضيت بغايات الأولى سبقوا ... إلى المعالي ولا ترضى بعزمهم
حتى تحوز على الجوزاء مرتقياً ... إلى معاني لم تخطر بفكرهم
وتدرك المجد سبّاقا وشغلهم ... في عثرة القول أو في عثرة الكلم
كم اجتهدت لعليّ أن أفوز فلم ... أفز سوى مرةٍ في الدهر بالخدم
وأبعدتني الليالي بعد ذاك وفي ... قلبي حلاوة ذاك اللطف والشيم
فكنت كالمتمنّي أن يرى فلقا ... من الصباح فلما أن رآه عمي
فليت دهري يسخو لي بثانيةٍ ... حتى أعود إليها عود مغتنم
وأجتلي أوجه اللذات سافرةً ... عن كل مغنىً حوى صنفاً من النّعم
فما خلائقك الحسنى التي بهرت ... عقلي سوى زهرٍ في الروض مبتسم
أو نسمةٍ خطرت بالبان نفحتها ... ولا أقول سرت بالضّال والسّلم
وما عبارتك المثلى سوى دررٍ ... والناس تحسبها ضرباً من الكلم
كم التقطت ومولانا يسامرني ... جواهر الفضل والآداب والحكم
وكم معانٍ كأنّ السحر نضّدّها ... لم تبق عندي عقابيلا من السقم
نعم وأبيات شعرٍ راق موردها ... لم أنسهنّ وما بالعهد من قدم
آها لأيّامنا بالخيف لو بقيت ... عشراً وواهاً عليها كيف لم تدم
يا سيداً بندى يمناه صحّ لنا ... أنّ الغمام بخيلٌ غير منسجم
وماجداً جدّ في كسب العلى فغدا ... تخشى الصوارم منه صولة القلم
شوقي إلى لثم ذاك زاد على ... شوق الرياض إذا جفّت إلى الديم
ووحشتي لمحياك الجميل هل اس ... توحشت قطّ لبدر التم في الظلم