للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهاؤهم ما يباهي عزمه أحدٌ ... وفيهم شرفٌ باقٍ لهم زانا

وما شهابهم خافٍ بمطلعه ... كما كمالهم قد حاز إحسانا

تعزّ يا شرف الدين الذي قبضت ... يمنى علاه من العيّوق أرسانا

بيانه ظاهرٌ لو أنّ رونقه ... للبدر لم يخش عند السّير نقصان

تالله ما دار كأسٌ من بلاغته ... عليّ إلا أهزّ العطف نشوانا

له عبارات نظمٍ كلّما سحبت ... ذيولها أعثرت في الحال سحبانا

مثل العيون التي في طرفها حور ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا

فالناس في حلب حلّت بهم بهمٌ ... وأصبح القوم خرساً في خراسانا

فلا يرع لكم سربٌ بحادثة ... ولا رأى شأنكم خطبٌ ولا شانا

ولا يكدّر لكم شربٌ بنازلة ... ولا حدت لكم الأحداث أضغانا

تحفّكم بركاتٌ من تقاه فقد ... أخذتم منه حرزاً من سليمانا

يقبل الأرض وينهي ما عنده من الألم لهذه النازله، والقلق لهذه الرزية التي جعلت الدموع هاميةً هامله، والجزع لهذه الحادثة التي تركت الجوانح حاميه، فليت القوى لو كانت حاملة ف " إنا لله وإنا إليه راجعون " قول من فقد جماله، وعدم صبره واحتماله، وفجعه الدهر بواحده الذي ما رأت عينه مثاله، فرحم الله ذلك الوجه الجميل، وقدس تلك السريرة التي كان الصفاء لها ألزم زميل، وما بقي غير الأخذ فيما وقع بالسنه، والصبر على فقد من أثار النار في الفؤاد وسكن الجنه، وقد جهز المملوك هذه القصيدة التي يسبح نونها من الهم في يم، ويشرح في هذا المأتم ما تم، إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>