سارت جنازته والخلق تتبعها ... والحزن عمّهم فينا وغشّانا
حتى ملائكة الرّحمن مذ علموا ... طاروا إليه زرافات ووحدانا
نعى النّعاة وضجّوا بالنعيّ له ... فأورثوا القلب أشجاناً وأحزانا
جار الزمان ولم يقصد بمصرعه ... إلا ليهدم للمعروف أركانا
إن الخطوب التي ساقت منيّته ... قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
من ذا يوفّي علاه بالرثاء ولو ... كان المرثّي له قسّاً وسحبانا
لم أقض بالشعر حقاً من علاه ولو ... نظمت في كلّ يوم فيه ديوانا
لو قيل: من فاق أرباب الصّلاح تقىً ... كان الجواب: سليمان بن ريّانا
إني لأعلم أنّ الله يجعله ... أوفى البريّة عند الله ميزانا
حيّرتنا بمثال فيه تعزيٌ ... به اتّعظنا وعزّانا وسلاّنا
فيه قريضٌ بديع النّظم مشتملٌ ... على معانٍ حسانٍ فقن حسّانا
إن رمت تشبيهه بالرّوض كان له ... فضلٌ على الرّوض لا يحتاج برهانا
الرّوض يذبل في وقتٍ ونظمك قد ... وقاه فكرك طول الدّهر ماشانا
أو قلت ألفاظه مثل الكواكب لم ... أكن موفّيه بالأوصاف تبيانا
إذ الكواكب في ضوء النهار أرى ... أنوارها تختفي في الجو أحيانا
لكن أقول هذا العقد الثّمين وقد ... نظمت ألفاظه درّاً وعقيانا
في أحمر الطرس قد سطّرت أحرفه ... كالدّرّ خالط ياقوتاً ومرجانا
حفظت عهدك في حال الحياة ومن ... بعد الممات فحيّا الله مولانا