ونزح سلار عن الشوبك وطلب البرية، ثم إنه خذل، وسير يطلب من السلطان أماناً على أنه يقيم بالقدس لعبادة الله تعالى، فأجابه إلى ذلك، ودخل إلى القاهرة بعد أن بقي أياماً مشرداً في البرية مردداً بين العرب، ينوبه في كل يوم لهم ألف درهم وأربعون غرارة شعير.
ولما جاء عاتبه السلطان واعتقله، ومنع من الزاد إلى أن مات جوعاً، وأكل كعاب سرموزته، وقيل: أكل خفه، وقيل: إنهم دخلوا إليه وقالوا له: قد عفا السلطان عنك، فقام من الفرح ومشى خطوات يسيرة وسقط ميتاً.
وكان أمسر آدم، لطيف القد، أسيل الخد، لحيته في حنكه سوداء، وهو من التتار الأويراتية.
مات في أوائل الكهولة، ولعله ما بلغها - رحمه الله تعالى - وأذن السلطان للأمير علم الدين سنجر الجاولي أن يتولى دفنه وجنازته، فدفنه بتربته عند الكبش.
وكان - رحمه الله تعالى - ظريفاً في لبسه، اقترح أشياء في اللبس، وهي إليه منسوبة، منها المناديل السلارية والأقبية السلارية، وفي قماش الخيل وآلات الحرب.
قال شمس الدين الجزري: إنه أخذ له ثلاث مئة ألف ألف دينار، وشيء كثير من الحلي والجواهر والخيل والسلاح والغلال مما لا يكاد ينحصر.
قال شيخنا الذهبي، رحمه الله تعالى: وهذا شيء كالمستحيل، لأن ذلك يجيء وقر عشرة آلاف بغل، الوقر ثلاثون ألف دينار، وما علمت أن أحداً من السلاطين