للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفقته معه أنه مهما طلب منه الشيخ تقي الدين من الدراهم يعطه بغير إذنه، قال: فما كان يأخذ منه إلا ما هو مضرور إليه انتهى.

قلت: وكان قد صحبه أكثر من خمسين سنة، وكان قد حج وجاور واجتمع بالتقي الحوراني وبقطب الدين ابن سبعين، وسافر وطوف البلاد، وأقام بالديار المصرية مدة، وصحب الفقراء والفضلاء، وتفرد عن ابن قميرة بالجزء الرابع من حديث الصفا، وخرج له فخر الدين بن البعلبكي مشيخة، قال: شيخنا البرزالي: قرأتها عليه، وكان زاهداً متقللاً من الدنيا، لم يكن له أثاث ولا طاسة ولا فراش ولا سراج ولا زبدية، وبيته خال من جميع ذلك، أنشدني شيخنا العلامة شهاب الدين محمود إجازةً لنفسه ما كتبه من الديار المصرية إلى الشيخ تقي الدين ابن تمام:

هل عند من عندهم برئي وأسقامي ... علمٌ بأنّ نواههم أصل آلامي

وأنّ جفني وقلبي بعد بعدهم ... ذا دائمٌ وجدهم فيهم وذا دامي

بانوا فبان رقادي يوم بينهم ... فلست أطمع من طيفٍ بإلمام

كتمت شأن الهوى يوم النّوى فنمى ... بسرّه من دموعي أيّ نّمام

كانت لياليّ بيضاً في دنوّهم ... فلا تسل بعدهم ما حال أيامي

ضنيت وجداً بهم والنّاس تحسب بي ... سقماً فأُبهم حالي عند لوّامي

<<  <  ج: ص:  >  >>