وليس أصل ضنى جسمي النحيل سوى ... فرط اشتياقي إلى لقيا ابن تّمام
مولى متى أخل من برء برؤيته ... خلوت فرداً بأشجاني وأسقامي
نأى ورؤيته عندي أحبّ إلى ... قلبي من الماء عند الحائم الظامي
وصدّ عني فلن يسأل لجفوته ... عن هائمٍ دمعه من بعده هام
يا ليت شعري ألم يبلغه أنّ له ... أخاً بمصر حليف الضّعف من عام
ما كان ظنّي هذا في مودّته ... ولا الحديث كذا عن ساكني الشام
فكتب الجواب ابن تمام عن ذلك:
يا ساكني مصر فيكم ساكن الشام ... يكابد الشّوق من عامٍ إلى عام
الله في رمقٍ أودى السّقام به ... كم ذا يعلّل فيكم نضو أسقام
ما ظنّكم ببعيد الدار منفردٍ ... حليف همّ وأحزانٍ وآلام
يا نازحين متى تدنوا النّوى بكم ... حالت لبعدكم حالي وأيّامي
كم أسأل الطّرف عن طيفٍ يعاوده ... وما لجفني من عهدٍ بأحلام
استودع الله قلباً في رحالكم ... عهدته منذ أزمانٍ وأعوام
وما قضى بكم في حبكم أرباً ... ولو قضى فهو من وجدٍ بكم ظام
من ذا يلوم أخا وجدٍ بحبّكم ... فأبعد الله عذّالي ولوّامي
في ذمّة الله قومٌ ما ذكرتهم ... إلا ونمّ بوجدي مدمعي الدّامي
قوم أذاب فؤادي فرط حبّهم ... وقد ألمّ بقلبي أيّ إلمام
وما اتخذت سواهم عنهم بدلاً ... ولا نقضت لعهدي عقد إبرام
ولا عرفت سوى حبي لهم أبدا ... حباً يعبّ؟ ر عنه جفني الهامي
يا أوحداً أعربت عنه فضائله ... وسار في الكون سير الكوكب السّامي