للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسعى سعياً جيداً وعاد إلى دمشق على عادته وقاعدته في نظر الدواوين، ووصل إلى دمشق في يوم الاثنين ثامن عشري صفر سنة ست وعشرين وسبع مئة، وفرح الناس به واستبشروا، وعاد القاضي كريم الدين الصغير ناظر دمشق إلى مصر.

ولم يزل بدمشق على أكمل ما يكون من السعادة إلى أن قبض عليه تنكز بأمر السلطان في التاريخ المذكور، وجعل في المدرسة النجيبية ورسم عليه الأمير علاء الدين المرتيني، فكان يكون قدامه وإذا دخل إلى الطهارة وعاد منها يقوم الأمير يمسك له فرجيته ويلبسها له. ووزن في الشام أربع مئة ألف درهم ثم إن المرسوم ورد بطلبه إلى مصر فتوجه إليها ولما وصل نزل في الطبقة التي على دار الوزارة بقلعة الجبل وجاء إليه القاضي شرف الدين النشو، وقعد بين يديه، ولم يعرف من هو لبعد عهده بمصر، فقال: السلطان يسلم عليك، فلحظته أنا وغمزته، فعلم أنه كبير، فقام وقف له وأجلسه إلى جانبه فأسررت أنا إليه أن هذا هو النشو ناظر الخاص، فقام وقف وعامله بما يجب وحلف له أنه ما يعرفه، فقبل اعتذاره، ولما راح من عنده جاء إليه الأمير صلاح الدين الدوادار برسالة عن السلطان، وكان الأمير علاء الدين بن هلال الدولة مشد الدواوين يروح إليه في الرسائل عن السلطان هذا وهو قاعد على مقاعد سنجاب ومقاعد سرسينا، ولم أر أنا ولا غيري مصادراً مثله إلى أن قال له النشو: يا مولانا وزنت في الشام أربع مئة ألف فكمل لنا ألف ألف، فقال: السمع وألف طاعة، وكتب خطه بست مئة ألف درهم، ونزل إلى بيته، ولم يزل يحمل إلى أن بقي عليه مئتا ألف، فاستطلقها له الأمير سيف الدين قوصون من السلطان، ولو أن بكتمر الساقي يعيش له ما جرى عليه بعض ذلك، وكان أعاده لأنه شفع فيه عن طريق الحجاز وسير الإفراج عنه إلى الشام، ومات بكتمر بعد ذلك ثم إن أعداءه غيروا

<<  <  ج: ص:  >  >>