وبكى فؤادي وهو منزلٌ حبّهم ... وأحقّ من يبكي الحبة دارهم
وتخلّق الجفن الهمول كأنما ... لمحته عند غروبهم أنوارهم
وذكرت عيني عند عين فراقهم ... لما أثارت لوعتي آثارهم
نذري الدموع عليهم وكأنهم ... زهر الرّبا وكأنها أمطارهم
ويئنّ منة حالي العواذل رحمةً ... لمّا بكيت وما الأنين شعارهم
ويح المحبيّن الذين بودّهم ... قرب المزار ولو نأت أعمارهم
فقدوا خليلهم الحبيب فأُذكيت ... بالشوق في حطب الأضالع نارهم
مولىً تقلّص ظلّ أُنسٍ منه عن ... أصحابه فاستوحشت أفكارهم
كم راقهم يوماً برّؤية وجهه ... ما لا يروقهم به دينارهم
ولكم بدت أسماعهم في حلية ... من لفظه وكذا غدت أبصارهم
كانوا بصحبته اللذيذة رتّعاً ... بمسّرةٍ ملئت بها أعشارهم
يتنافسون على دنوّ مزاره ... فكأنما بلقاه كان فخارهم
لا غيّب الرحمن رؤية وجهه ... عن عاشقيه فإنها أوطارهم
وجلا ظلام بلادهم من بعده ... فلقد تساوى ليلهم ونهارهم
يا سيّداً لي لم تزل ثقتي به ... إن خادعتني في الولا أشرارهم
أصرمت حبل مودتي ولصحبتي ... عرف الطريقة في الوداد كبارهم
أم تلك عادات القلى أجريتها ... فكذا الأحبّة هجرهم ونفارهم
فكتبت أنا الجواب إليه عن ذلك:
أفدي الذين إذا تناءت دارهم ... أدناهم من صبّهم تذكارهم
في جلّق الفيحاء منزلهم وفي ... مصع بقلب الصبّ تضرم نارهم
قوم بذكرهم الندامى أعرضوا ... عن كأسهم وكفتهم أخبارهم