للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أني ممن يعرف الدر وإن لم يملكه، وينتقد التبر وإن لم يسبكه، ولذلك أتعوض فيما أعانيه من الكتابة عن الدر بالخرز، وأكتفي عن أبكار المعاني الجليلة من العون المسنة بما هو سداد من عوز، سامني مع ارتفاع شأنه في هذه الصناعة، وإثرائه دوني من نفائس هذه البضاعة، أن أجيزه رواية نظمي الذي قدمت العذر في انتهاج طريقه، ونثري الذي أوضحت السبب في مصاحبة فريقه، ومكاتباتي التي أنشأتها بسبب الوقائع التي دعت إليها، وتواقيعي التي ارتجلت غالبها لحفز الدواعي الباعثة عليها، ولمالي في قواعد ذلك من تأليف وتصنيف، وانتخاب غني بشهرته عن التصريف، فسألته الإعفاء من هذه الدرجة التي قدره أرفع منها، ورغبت إليه في قبول القول بالموجب في إجازتي من فوائده التي هي أحق بأن يروي غريبها ويحدث عنها، فلم يعف من تلك الإشارة التي قصده بها الإحسان، ومراده أن ينظم سبح نظمي في سلك ما يؤخذ عنه من درر بدائعه الحسان.

فامتثلت أمره أعزه الله تعالى ونفع به وأجزته رواية ما يجوز لي وأتيه من مسموعاتي ومقروءاتي واختياراتي ومناولاتي، وما لي من نظم مختلف الأوضاع، مستحق، لولا ما يضوع فيه من المدائح النبوية، أن يضاع ولا يذاع، وإنشاء نوعته كثرة المباشرة، وكثرته المحافظة على الوظيفة والمثابرة، ونفحته فوائد المطارحة والمذاكرة، إلى ما يندرج في سك ذلك من تأليف حمل عليه التنقيب عن أسرار هاتين الصناعتين واختيار واختصار وانتقاء وانتقاد، وانتخاب تكلمت على ما فيه من معنى مستملح وأدب مستفاد، ورغبت إليه في أن يصلح من ذلك ما أغفله القلم، وزل

<<  <  ج: ص:  >  >>