ورأيته يكتب بخطه على ما يقتنيه من الكتب التي تخالف السنة من اعتزال وغيره:
عرفت الشر لا للشر ... ر لكن لتوقيه
ومن لا يعرف الشر ... ر من الخير يقع فيه
وكان يترسل جيداً من غير سجع، ويستشهد بالأبيات المناسبة والأحاديث والآيات اللائقة بذلك المقام.
وكنت أنا بصفد أكتب إليه وهو بمصر عن الأمير شرف الدين حسين بن جندر رحمه الله تعالى فتأتي أجوبته بخطه، وهي في غاية الحسن، وفيها السلام علي والثناء الكبير والتودد من غير معرفة. ولما دخلت القاهرة واجتمعت به مرات، عاملني بكل جميل وطلب مني كتابي جنان الجناس. وقف عليه، وبقي عنده مدة، ثم أعاده إلي، وبلغني الثناء الزائد منه علي. ثم لما قدمت من مصر إلى دمشق متوجهاً إلى الرحبة، وهو بالشام قاض، طلب ذاك المصنف مني، فحملته إليه، وبقي عنده مديدة، ثم أعاده، وأخذ في الفضل والشكر على عادة إحسانه، جزاه الله عني الخير، ورحمه ورضي عنه.
وكتب هو رحمه الله إلى ناصر الدين شافع، وقد طلب منه شيئاً من شعره:
غمرتني المكارم الغر منكم ... وتوالت علي منها فنون
شرط إحسانكم تحقق عندي ... ليت شعري الجزاء كيف يكون
يقبل الباسطة الشريفة، لا زالت للمكرمات مستديمة، وفي سبل الخيرات مستقيمة.