يزعم أن أبا الطيب عنده باقل، وأن أبا تمام لم ينهض من الحضيض شعره المتثاقل. يدعي مثل هذا بتصميم، ويتبادى وما فيه شعرة من تميم.
ولم يزل في طيشه، وتقتير عيشه إلى أن دب سوس البلى في الشوش، وفتح فاهاً له قبره المرفوش.
وتوفي رحمه الله تعالى في شهر رجب سنة ثمان وثلاثين وسبع مئة.
ومولده في حدود سنة ست وسبعين وست مئة.
اجتمعت به غير مرة بالجامع الأموي وبجسر اللبادين، وكان ينشدني كثيراً من شعره فأسمع العجائب والغرائب، وأشكر الله على نعمة العقل، إلا أنه كان يندر له البيت في القصيدة ونصف البيت.
وقال لي غير مرة وأنا وهو نمشي في صحن الجامع بعد ما يدير وجهه إلى القبلة: وحق هذا المعبد وما يتلى فيه، لو اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل شعري ما أتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً.
وقال لي غير مرة: أنا والله الذي لا إله إلا هو، ما لي غرض مع المتنبي، شعري خير من شعره، وكذا يقول في أبي تمام وغيره.
ولقد قال لي مرة وأنا بجسر اللبادين: يا مولانا! ما هذا الحاتمي إلا كان إماماً