حزنها وسهلها، فإنه شق علينا سماعه الذي أنكى أهل الإيمان وعدد به ذنوب الزمان كل قلب بأنامل الخفقان، وطالما فزتم بالظفر، ورزقتم النصر على عدوكم، فجر ذيل الهمزية وفر، ولكن الحروب سجال، وكل زمان لدائه دولة ولرجائه رجال، ولو أمكنت المساعدة لطارت بنا إليكم عقبان الجياد المسومة، وسالت على عدوكم أباطحهم بقسينا المعوجة وسهامنا المقومة، وكحلنا عيون النجوم بمراود الرماح، وجعلنا ليل العجاج ممزقاً ببروق الصفاح، واتخذنا رؤوسهم لصوالج القوائم كرات، وفرجنا مضائق الحرب بتوالي الكرات، وعطفنا عليهم الأعنة، وخضنا جداول السيوف ودسنا شوك الأسنة، وفلقنا الصخرات بالصرخات، وأسلنا العربات بالرعبات، ولكن أين الغاية من هذا المدى المتطاول، وأين الثريا من يد المتناول، وما لنا غير إمدادكم بجيوش الدعاء الذي نرفعه نحن له ورعايانا، والتوجه الصادق الذي تعرفه ملائكة القبول في سجايانا.
وأما ما فقدتموه من الأجفان التي طرقها طيف التلاف، وأم حرم فنائها الفناء وطاف به بعد الإلطاف، فقد روع هذا الخبر قلب الإسلام، ونوع له الحزن على اختلاف الإصباح والإظلام، وهذه الدار ما يخلو صفوها من كدر القدر، وطالما أنامت بالأمن أول الليل، وخاطبت بالخطب في السحر، ولكن في بقائكم من خطب العطب ومع سلامة نفسكم الكريمة فالأمر هين، لأن الدر يفدى بالذهب، وأما ما رأيتموه من الصلح فرأي عقده مبارك، وعقده ما فيه فارط عزم، وإن كان فيتدارك.
والأمر يجيء كما يجب لا كما يحب، والحروب يزور نصرها تارة ويغب، ومع اليوم غدا، وقد يرد الله الردى، ويعيد الظفر بالعدا.