الذي راحت براحته الطروس مدبجة، والسطور شفاها، وحروفها لاختلاف وضعها ثغور مفلجة، والمداد مسكاً لأن المعاني به نافجة نافحة، ولا يقال نفجة، والحاسب الذي لو شاء لقط النيل على أصابعه، وحرر حركات البرق بعقود أنامله التي هي أسرع من لوامعه، وضبط حاصل الجامع حتى أصبح مأسوراً في جوامعه، والأصيل الذي تتردد الرئاسة خلال خلاله، وتتعدد السيادة من معاطفه إذا خطر في حلة كماله، وتشهد له المحاسن فإن الناس طالما شاهدوا إحسان جماله ".
فليباشر ذلك مباشرة تليق برئاسته، وتضمن له الفضل الذي يديم الله له ملابس تناسته، حتى يقول الناس: إن الليث قد فاز بمدح شبله، والغيث حاز المنح بوبله، ويقسم المجد بهذا البلد ووالد وما ولد إن الفضل به اتحد، واشتمل عليه وبه انفرد، وهذا الجامع عمره الله تعالى بذكره يتحقق أنه ذو حسن ورونق يطرب من يلقها ومن ذا الذي لم يطرب لمعبد أمواله جمة، وأحواله مهمة، ولياليه بوقودها متوضحة إذا كانت أيام غيره مدلهمة، عليه جملة من الرواتب، وعدة من الجوامك تدرها سحائب النفقات من يد كل كاتب، يسترفده حتى بيت المال، وناهيك بذلك وتستجديه بقية المساجد، فينير لياليها الحوالك.
فليعمل جهده في حراسة ماله، وصيانة ما يساق لزينته وجماله، وليجتهد فيما هو لازمه من وظيفة جملت الأوان، ويعتمد على السداد، فما له رفيق إلا وله بيت وهو