وضيع الزمان في ردّه على النصارى والرافضة، ومن عائد الدين أو ناقضه؛ ولو تصدى لشرح البخاري أو لتفسير القرآن العظيم.
وكان من صغره حريصاً على الطلب، مجدّاً على التحصيل والدأب، لا يؤثرُ على الاشتغال لذة، ولا يرى أن تضيع لحظةٌ منه في البطالة فذّة، يذهلُ عن نفسه ويغيب في لذّة العلم عن حسه، لا يطلب أكلاً إلا إذا أحضر لديه، ولا يرتاحُ إلى طعام ولا شراب في أبرديه.
قيل: إن أباه وأخاه وأهله وآخرين ممن يلوذون بظله سألوه أن يروح معهم يوم سبت ليتفرج، فهرب منهم وما ألوى عليهم ولا عرج، فلما عادوا آخر النهار لاموه على تخلُّفه، وتركه لاتباعهم وما انفرده من تكلُّفه، فقال: أنتم ما نزيد لكم شيئاً ولا تجدد، وأنا حفظت في غيبتكم هذا المجلد، وكان ذلك كتاب " جنة الناظر وجنّة المناظر "، وهو مجلد صغير، وأمره شهير.
لا جرم أنه كان في أرض العلوم حارثاً وهو همام، وعلومُه كما يقول الناس تدخل معه الحّمام. هذا إلى كرم يضحك البرقُ منه على غمائمه، وجودٍ ما يصلحُ حاتمٌ أن يكون في فضِّ خاتمه، وشجاعة يفرّ منها قشورة، وإقدام يتأخر عنه عنترة. دخل على محمود غازان وكلمه كلاماً غيظاً بقوه، وأسمعه مقالاً لا تحملّه الأبوةُ من البنوّة.
وكان في ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وست مائة، قد قام عليه جماعة من الشافعية، وأنكروا عليه كلاماً في الصفات، وأخذوا فُتياه الحموية، وردوا عليه