جمادى الأولى سنة تسع عشرة وسبع مئة، وأقام بها في وجاهة ورياسة وحرمة وافرة إلى أن توفي رحمه الله تعالى في التاريخ المذكور.
وكان يعرف النجامة وعلم الرمل جيداً، ويدعي أنه من جماعة الشيخ محيي الدين بن عربي، وينتمي إلى مقالته، ويرى رأيه في الوحدة، ولم يتفق لي به اجتماع خاص، بل رأيته غير مرة، وسمعت خطبه كثيراً.
وأخبرني من رآه أنه كان يتعذر علي كتابة اسمه عمر، فيكتب صورة نمر، ثم بعد ذلك يركب عليها حرف العين، لتتكمل له صورة عمر.
ولما ورد في تلك المدة إلى دمشق دخل الشيخ شهاب الدين أحمد بن غانم إلى الأمير سيف الدين تنكز، وشكى منه شكوى بالغة، وقال: يا خوند! هذا فعل بي، هذا اعتمد معي، هذا حبس أولادي في قلعة صفد، وقيدهم، وزاد في ذلك، ثم إنه بعد ذلك اجتمع بقاضي القضاة نجم الدين بن صصرى، فقال له: يا شيخ شهاب الدين! أنت من بيت فقراء وصالحين، وهذا الذي فعلته بهذا المسكين ابن حلاوات بين يدي هذا الملك الجبار، ما كان يناسب طريقك، فقال له: يا مولانا قاضي القضاة لا تكن حليماً عند غضب غيرك، هذا حط رجلي في المعصار وعصرني، ولو كان ذلك على حوافر بغلتك ضرطت ناراً.
وكان قد كتب إليه شيخناً نجم الدين كتاباً يحرضه عليه فيه ويغريه به، ومنه:
ألا طعان ألا فرسان عادية ... إلا تجشوكم بين التنانير