ودخل زين الدين بن حلاوت في تلك النازلة وهو بدمشق إلى الصاحب شمس الدين، وقال: يا مولانا الصاحب أنا ما بقيت أعمل صنعة التوقيع، اعملوا إلي معلوماً ودعوني في هذا الجامع الأموي أشغل الناس في ستة عشر علماً، وكان شهاب الدين بن غانم حاضراً. فقام وقال: يا مولانا الصاحب هذا غلط منه، وإنما يعرف ثمانية عشر علماً لأنها اثنا عشر برداة وست أواذات في علم النغم، وهذا إلا والده مشبب وهو مطنكل، وأنشده أبياتاً منها:
وإذا رأى المزمار هزت عطفه ... نسب إلى الأجداد والآباء
ومن شعر زين الدين بن حلاوات:
ولابسة البلور ثوباً وجسمها ... عقيق وقد حفت سموط لآلي
إذا جليت عاينت شمساً منيرة ... وبدراً حلاه من نجوم ليال
قلت: هذا القول فاسد؛ لأن البلور جسمها وهو الزجاج، ولباسها العقيق، وهو الخمرة، وأحسن من قول زين الدين رحمه الله تعالى قول الأول:
وكأنها وكأن حامل كأسها ... إذ قام يجلوها على الندماء
شمس الضحى رقصت فنقط وجهها ... بدر السما بكواكب الجوزاء