للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو انتقاء المانع يكتفي فيه بالأصل إذا لم يعارضه أصل آخر وهنا عارضه أصل آخر، والسبب وحده بدون شرطه أو انتفاء مانعه لا يعمل، وإما أن يجعل وقوع النجاسة محل الحكم ويقاوم، عليها أمران: أحدهم يقتضي التنجيس، والآخر ضده، فيقف الحكم. وعلى كل تقدير فيجب أن لا يحكم بالنجاسة، فخرج من هذا أن دعواه في جانب التنجيس أصلان ليس بصحيح، ولو قال: أصل وظاهر لكان أصح في العبارة، ويتوجه عليه المنع بأن ذلك إنما يكون في أصل مستقل بظاهر مستقل، وليس هنا كذلك؛ لأن القلة ليست بأصل، بل بما ضم إليها، على ما تبين.

وأما مسألة الظبية فإنما حمنا بالنجاسة لأن بول الظبية محقق، واستناد التغيير إليه ظاهر مستقل، لأن الأصل المعارض له معارض بالأصل النافي لطول المكث، ولا لما يقاوم الأصل إن علمنا بالسبب الظاهر المجرد الذي لا معارض له، فأين هذه المسألة من تلك، وقد جزم الصميري بالتنجيس متمسكاً بأن الأصل القلة، وسبق الغزالي دعوى ظهور التنجيس لتمسك بالقلة للتنجيس إمام الحرمي، فاقتصار الكتاني على كلام الغزالي دليل على أنه لم يقف على غيره.

قال كمال الدين جعفر الأدفوي: كان منازعة في النقل، قلت له يوماً: قال الرافعي إن أكثر الأصحاب على جواز النظر إلى الأجنبية في الوجه والكفين إذا أمن الفتنة، فأنكر ذلك، ثم اجتمعت به ثاني يوم بالمدرسة القراسنقرية، فقال: الرافعي قال ما قلت، ولكن من أين للرافعي هذا، وشرع يغالب ويتغلب. قال: وقلت له يوماً: قال النووي: الأصح العفو عن الكثير من دم البراغيث، ونحوها مطلقاً فنازع، وحضر منهاج النووي فرآه، فشرع يؤول.

<<  <  ج: ص:  >  >>