للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بعض الطلبة يقرأ عليه يوماً في أن المعير إذا رجع والذرع قائم، ولم يكن يحصد قصيلاً فإ (نه يبقى إلى الحصاد، فقال هو: واختلف ههنا: هل عليه الأجرة، وما قالوا بمثل ذلك فيما إذا باع مالك الأرض وفيها زرع فإنه يبقى ولا أجرة، وطلب الفرق. فقلت: الفرق أن البائع لما زرع تصرف في ملكه، والمشتري دخل على الإبقاء، والتصرف كان في الملك، فلا يناسب أجره، والمستعير تصرف في ملك غيره، والمالك بصدد الرجوع في كل وقت، لكن التصرف كان الإذن، فلا يناسب قلع الزرع وضياعه، ولا إشغال أرض المالك مجاناً، فجمعنا بني المصلحتين، فأبقيناه حتى لا يفسد، وألزمناه الأجرة حتى لا يشغل أرضه مجاناً، فنازع نزاعاً طويلاً، لا بالرد النظري، إلا بالإساءة. قال: فتركت الاجتماع به. ومع ذلك فكان محققاً مدققاً كثير النقل، يستحضر النظائر والأشباه، لم يكن في الفقه في زمنه مثله، انتهى.

قلت: ما صنف شيئاً ولا انتفع به أحد من الطلبة، وكان قل أن يفتي أحداً، ويقول لمن يأتيه بالفتوى: أنا ما أكتب لك عليها، روح إلى القضاة والى الذين لهم في الشهر من المعلوم كذا وكذا، وربما تحيل عليه بعض الناس فيما يرومه منه بأن يستصحب معه شاباً حسن الصورة فإنه كان يميل إلى ذلك لكن مع دين وعفاف وتصون كثير.

ولما دخلت إلى الديار المصرية قلت للأمير ناصر الدين محمد بن جنكلي رحمه الله تعالى: أريد أن أرى الشيخ زين الدين، وأجتمع به، فقال لي: ما تنتفع به ولا تنال منه مقصودك، ولكن اصبر، أنا أروح معك إليه، فتوجهنا إليه إلى داخل باب السعادة إلى دار الفارقاني، فصعد بي في سلم حجر أعلاه طبقة، فطرق الباب، فقال من؟ قال: محمد بن حنكلي فقال: ومليحك معك؟ قال: نعم، فقام، وفتح الباب، وبش بنا وأجلسنا، وانشرح، وأحضر شراب ليمون، وفيه قلب فستق،

<<  <  ج: ص:  >  >>