للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومولده في شهر رجب سنة خمس وأربعين وست مئة.

جمع جزءاً في السماع وجزءاً في أخبار جده.

ومن كلامه في السماع قال: افتقار السماع إلى الوجد افتقار الصلاة إلى النية، فكما لا تصح الصلاة إلا بالنية والقصد؛ كذلك لا يباح السماع إلا بالوجد، فمن كانت حركته في السماع طبيعيه؛ كانت نشوته به حيوانيه، ألا ترى أن كثيراً من الحيوانات ينشأ له حال غير المعتاد عند سماع المطربات، وقوة حركة لسماع النغمات، فمن كان هذا السماع الحيواني في ذلك أقصى أربه؛ كان مقصوراً فيه على لهوه ولعبه، وهو سماع الطبيعة لا سماع الأرواح، فجدير أن يجتنب، فإنه يستعمل الطبيعة فيه غير مباح، والسماع الذي اختلفت فيه الأقوال، إنما هو سماع أهل المقامات والأحوال، فمنهم من أباحه على حكم الاختصاص، ومنهم من جعله زلة الخواص، ومنهم من توقف، ولم يجد إلى إقامة الدليل على كلا أمريه نشاطا، ورأى الاستغفار منه إذا قدر له الحضور فيه احتياطا، فهو متردد في أمريه، فتركه لمثل ذلك أولى، ولم يدر على من حضره من السلف، ولكن لم ير نفسه لحضوره أهلاً، فهذه جملة إقناعية مما قيل فيه، ونبذة لعل من تأملها تكفيه:

إذا حرك الوجد السماع إليكم ... يباح، وإلا فالسماع حرام

ومن هزه طيب السماع حديثكم ... ومال من الأشواق ليس يلام

ولا عجب إن شتت الحب جمعه ... فليس لأحوال المحب نظام

غذي بلبان الحب قدماً وماله ... سواه إذا آن الفطام فطام

يسير مع الأشواق أنى توجهت ... وليس له في الكائنات مقام

ولا غرو إن ضلت مذاهب عقله ... فإن مقر العز ليس يسام

حمى لا سبيل أن يباح مصونه ... وكل الورى طافوا عليه وحاموا

وقاموا وقد جدوا لأول منزل ... فقاموا حيارى فيه حيث أقاموا

<<  <  ج: ص:  >  >>