ونظمت جواهر معاليهم على جيد الزمان تؤاماً وفرادى صلاةً لا يمل طرف السهى من مراقبتها سهادا، ولا يعرف الأبد لأمدها ولا مددها نفادا، ما نزعت يد الصباح عن منكب الظلماء حدادا، ونفت نسمات الصبا عن عيون الأزهار رقادا، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
وبعد: فإن نظر الحسبة الشريفة بالشام المحروس منصب جليل القدر، ومحل سامي الأفق، لا يطلع في أوجه إلا من تم تمام البدر، ومكان لا يستكن في ذراه إلا من رفض عش الغش، ولم يخض في غدير الغدر، من ولي أمره غدقت به الأمور، وعلقت به مصالح الجمهور، وساس الرعية سياسةً محبتها في القلوب ومحلتها في الصدور، لأنه ينظر فيما دق وجل، وكثر وقل، وانحصر بمقدار، وضبط بمثقال ورطل وقنطار، وكل ما ابتلعته فم كيل وامتد له باع ذراع، أو تحدث فيه لسان ميزان مما يجلب من تحف البلاد ونفائس البقاع، وكل ما يعمل من أنواع المعايش، وكل ما أمره محرر أو سهم تقديره طائش، وله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحديث فيما شأنه أن يشكى أو يشكر، فهو الآمر في كل ذلك أجمع، وشآبيب تأديبه تهمع، وبروق تهديده تلمع.
وكان الجناب الكريم العالي المولوي القضائي العمادي محمد بن الشيرازي ممن قتل هذا المنصب خبرا، وقلبيته معرفته بطناً وظهرا، باشره مدة أمدها الله بالمحاسن الباهره، وجعل رياضها بالعدل زاهره، وأتى بيوت الرئاسة من أبوبها، وجنى ثمر السعادة من حدائق الإقبال متشابها، وجاذبته السيادة أهداب هدابها، ومدت له المعالي من المجرة طويل أطنابها، وذرب هذه الوظيفة فعرفها جيداً، كما أن أهل مكة أخبر