للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشعابها، وتشوقت عوده إليها تشوق الروض إذا ذوى إلى صوب الغمام، وتشوقت إلى رجوعه تشوق المشتاق إلى نوح الحمام.

فلذلك رسم بالأمر العالي المولوي السلطاني الملكي الكاملي السيفي - أعلاه الله تعالى - أن يفوض إليه نظر الحسبة الشريفة بالشام المحروس، لأنه أفضل من سكته التجارب ذهبا، وأولى من دربته المعارف، فأظهرته حساماً ماضي الشبا.

فليباشر ما فوض إليه مباشرةً ألفها الناس من سياسته، وعرفها الأنام من حميد رئاسته، وعهدها الرعية لما أنامهم الأمن في مهد حراسته، وشهدها البرية من جميل أصله ونفاسته، لأن آثار اعتماده في الجامع المعمور للعيون مشاهدة، وحسنات صنيعه في صحائف الأيام والليالي خالده، ومحاسن ما زخرفه في جدرانه على كل عامود حالة وعلى كل قاعدة قاعده. هذا إلى ما أنماه من أجوره، وأسماه من إدرار ما عليه من الرواتب، حتى شارك بها الواقف في أجوره، وأتعب من يأتي بعده حتى يسد مسده، أو يلبث مدة ما يمد قلمه من الدواة مدة.

ووصايا هذه الحسبة الشريفة كثيرة إلى الغاية، عزيزة لا يقف القلم في سردها عند نهاية، شهيرة عند معارفه التي أصبح فيها آية، ولكن القلم يطرق عند مثله لائذاً بالصمت، ويجف ريق المداد في لهوات الدواة هيبةً لما يراه فيه من عظمة الوقار وحسن السمت. فاجر فيها على عادتك الحسنى، وأول الناس فيها أمناً ومنا، واستعمل البأس في موضعه الذي يليق به وضعا، والرفق ولكن عز مكانه، فإن الغدر والخيانة يكونان في أكثر الناس طبعا، وأمر نوابك - أعزك الله - أن يحذروا في العفة والأمانة حذوك، وأن يتلوا في حسن السياسة تلوك، وأن يصبروا على مر طريقك في

<<  <  ج: ص:  >  >>