فما أصبح ليلة الأربعاء الخامس والعشرين من شهر رمضان المذكور، وترك لأهل الرحبة أشياء كثيرة من أثقال مجانيق وغيرها. وكان معه يومئذ قراسنقر والأفرام وسليمان بن مهنا، وذكرت في ترجمة جوبان ما اعتمده في أهل الرحبة من الخير في هذه الوقعة، وكان أهل الرحبة، قد حلفوا لخربندا، فلما ارتحل عنها، واستقر الأمر، التمس قاضيها، ونائبها وطائفة حلفت له من السلطان عزلهم فعزلهم لمكان اليمين من خربندا.
وكان مسلماً فما زال به الإمامية حتى رفضوه وغير شعار الخطبة، وأسقط منها ذكر الخلفاء سوى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وصمم أهل باب الأزج عليه وخالفوه، فما أعجبه ذلك، وتنمر، ورسم بإباحة دمائهم وأموالهم، فعوجل بعد يومين بهيضة مزعجة، داواه فيها الرشيد بمسهل منظف فخارت قواه.
وكان قبل موته قد رجع عن التشيع، وقال بقول أهل السنة.
وفي رحيله عن الرحبة يقول علاء الدين الوداعي، ومن خطه نقلت:
ما فر خربندا عن الرحبة ال ... عظمى إلى أوطانه شوقا
بل خاف من مالكها أنه ... يلبسه من سيفه طوقا
ولما تشيع السلطان خربندا قال جمال الدين إبراهيم بن الحسام المقدم ذكره يمدحه:
أهدي إلى ملك الملوك دعائي ... وأخصه بمدائحي وثنائي
وإذا الورى والوا ملوكاً غيره ... جهلاً ففيه عقيدتي وولائي