كان جمال المواكب، وثمال الكواكب، أحسن خلق الله وجهاً وقواما، كأنه غصن بان ركب الله في أعلاه قمراً تماما، مع أخلاق ما للنسيم لطفها، ولا لأزاهر الرياض اليانعة عرفها، ولا للغصون الناعمة لينها ولا عطفها، وسماح يتعلم السحاب سحه، ويظهر من البحر شحه، وكتابة إن وصفتها بالخمائل أخملتها، وإن قلت: هي كالعقود، فقد نقصت من قدرها وأهملتها، تصبح بها السطور وقد توشت، والعيون وقد تردت بالمحاسن وتغشت، وفقه ما لابن حزم حزمه، ولا لابن عبد البر نقله ولا جزمه، وحديث ما ترقى الخطيب درجه، ولا ألم به ابن عساكر ولا خرجه، وأسماء رجال يغرق فيها ابن نقطه، ويتحقق سامعه أنه ما عند السمعاني بعدها غبطه، وأدب ما وصل الحصري إلى أنماطه، ولا صاحب " الذخيرة " إلى التقاطه، ولا صاحب " القلائد " إلى تيجانه وأقراطه، وشعر راق نسجه، ولاق نهجه:
شخص الأنام إلى جمالك فاستعذ ... من شر أعينهم بعيب واحد
ولم يزل على حاله إلى أن حل بحماه الحمام، وأبكى عليه حتى الحمام.
وتوفي رحمه الله تعالى في شهر رجب الفرد سنة إحدى وأربعين وسبع مئة.
ومولده سنة سبع وتسعين وست مئة.
كان أولاً قد اشتغل بمذهب أبي حنيفة، ثم إنه تمذهب للإمام أحمد بن حنبل