وكتبت أنا إليه أهنئه بقدومه من الحجاز في شهر الله المحرم سنة ثلاث وثلاثين وسبع مئة:
قدمت قدوم البدر والليل قد دجا ... فأشرقت الآفاق من سائر الأرجا
وكانت ربا مصر رياضياً تصوحت ... فجئت إليها كالغمام إذا ثجا
إذا النوق أعياها المسير فإنها ... بطيب الثنا والذكر عنك غدت تزجى
أيا من سرى والأنجم الزهر في الدجى ... ليهدى بها في القفر قد علقت سرجا
وأمسى هلال الأفق كوراً لنجبه ... وإلا على ظهر الجياد له سرجا
قطعت الفيافي نحو مكة محرما ... ولم تتخذ إلا التقى والفلا منجا
وجردت من ثوب مخيط ولم تزل ... برود الندى والبأس تحكمها نسجا
ولبيت لباك الإله لأنه ... رأى خير من لبى بركبك أو عجا
وطفت ببيت لم تر الباب مرتجاً ... متى جئته تدعو ولا الركن مرتجا
ترى الحجر المسود أحسن موقعاً ... بقلبك من خال على وجنة بلجا
فتوسعه لثماً بأبيض واضح ... إذا قال قلنا السحر من لفظه مجا
وفي عرفات كان عرفك ذائعاً ... تضوع عرفاً نشره ملأ الفجا
وحلقت حتى لا تكون مقصراً ... وذلك أنجى في العبادات بل أرجى
وسقت مطايا الهدي تنحر كومها ... وقد نضجت أكبادها بالسرى نضجا
فبخلت حتى السحب في جود وبلها ... وزدت إلى أن كدت أن تغرق اللجا
وجئت إلى قبر حوى خير مرسل ... ومن حبه الذخر المؤمل والملجا
تجادل عنه أو تجالد من غدا ... يعالج منه المسلمون فتىً علجا
إذا أنت رفعت الرماح مراوداً ... تشق بها من نقعه مقلةً دعجا