المسامع فعلم أن من أنشأه لو شاء بالطرس طبل وزمر، فوقف المملوك على أبياته وآمن بآياته وعلم أنه يقصر عن مباراة مباديه وهو في غاياته، وتصور عتبه فتضور وتفكر في أمره الأمر فتكفر، وتربض لما يدبره في معناه فما تصبر، وترفق للحيلة فما رأى لها دليلاً تقرر، وتحرى فيما يعتمده فما وجد فيه بحثاً تحرر:
سوى حضورك في أمن وفي دعة ... ليقضي الله ما نرجو ونرتقب
أو فالتصبر أولى ما ادرعت له ... فالسول يقضى به والقصد والأرب
فلي أماني خير فيك أرقبها ... أرى بعيد مداها وهو مقترب
فلا يضيق لك صدر من أذى زمن ... أيامه تمنح الحسنى وتستلب
وربما كان مكروه الأمور إلي ... معروفها سبباً ما مثله سبب
وكنت قد كتبت له توقيعاً من الفخري لما كان بدمشق، على أن يكون موقعاً بصفد في سنة اثنتين وأربعين وسبع مئة، ونسخته:
رسم بالأمر العالي، لا زال يزيد بدور أوليائه كمالا، ويفيد سفور نعمائه جمالاً، ويعيد وفور آلائه على من بهر بفوائده التي غدا سحر بيانها حلالا، أن يرتب المجلس السامي القضائي الكمالي في كذا، لأنه الأصيل الذي ثبت في البيت الأموي ركنه، وتفرع في الدوحة العثمانية غصنه، وكمل قبل بلوغ الحلم حلمه، فلم يكن في هضبات الأبرقين وزنه، وألف حين أشبل غاب المجد حتى كأنه كنه، والبليغ الذي تساوى في البديع نظمه ونثره، وخلب العقول من كلامه سحره، وفاق زهر الليالي لآليه