ولم يزل الشيخ شمس الدين مروعاً من هذا النجم إلى أن سمر. وكان ما يسميه بعد ذلك إلا الهالك، ويكني عن نفسه بالشخص. فيقول: جرى للشخص مع الهالك كيت وكيت، وما كانت حكاياته عنه تمل، لأنه يؤديها بعبارة فصحى وينمقها ويزمكها.
وجمع هذا الشيخ كتاباً في علم الفراسة سماه " كتاب السياسة في علم الفراسة " كتبته بخطي من خطه، وتناولته منه بصفد، ولم أر في كتب الفراسة مثله، وقد نقله مني جماعة أفاضل بمصر والشام منهم الشيخ شمس الدين الأكفاني، لأنه جمع فيه كلام الشافعي رضي الله عنه وكلام ابن عربي وكلام صاحب المنصوري وكلام أفلاطون وكلام أرسطو، فجاء حسناً إلى الغاية.
ولحقه صم زائد قبل موته بعشرة أعوام، أضرت عينه الواحدة. وتوفي بمارستان الأمير سيف الدين تنكز بصفد رحمه الله تعالى.
كان من أفراد العالم وله في كل شيء يتحدث فيه مصنف.
وأنشدني من لفظه لنفسه، ومن خطه نقلت، في مليح كان يميل إليه، وتوكل بقرية فرادية من عمل صفد، ولاه الحاكم بصفد هذه الوكالة:
قل للمقيمين بفراديه ... من ذا الذي أفتى بإفراديه
ومن لحيني في الهوى عامداً ... أصدرني من قبل إفراديه
وما الذي أوجب هجري وأن ... تقصد الأتراك أكراديه
فقيل مت في حبهم أو فعش ... فما لمقتول الهوى من ديه
وهجرك الحكم العزيز اقتضى ... من غير ما ذنب ولا عاديه