للنفس وجهان لا تنفك قابلةً ... مما تقابل من عال ومستفل
كنحلة طرفاها في مقابلة ... فيها من اللسع ما فيها من العسل
ونقلت من خطه وأنشدنيه:
نظر الهلال إليه أول ليلة ... فرآه أحسن منظراً فتزيدا
ورآه أحسن وهو بدر فهو من ... غم يذوب ويضمحل كما بدا
ونقلت من خطه له:
يا من تعالى أن يجوز بذاته ... وصفاته التلويح والتصريح
أنت العلي عن الصفات بأسرها ... لكن تنزيلك اللطيف يبوح
والقول منا عند كل تعقل ... وتخيل وتوهم سبوح
ونقلت من خطه له، يعني نفسه:
تأدب حتى لم يجد من يناظره ... وحتى قلته كتبه ودفاتره
ودارس ما فيها فلم ير ذا حجى ... وذا أدب مما يراه يحاوره
وطاب به الحرمان من كل جانب ... وظل إليه الفقر تسعى بوادره
فلو رام بحراً زاخراً وهو ظامي ... يحاول منه شربة غاص زاخره
وكان يعرض شعراً كثيراً علي وأغير منه كثيراً.
وكان صبوراً على القلة والفقر والوحدة، كثير الآلام والأوجاع. وكان به انفتاق في أنثييه يثور به كل قليل ويقاسي منه شدة، وكان قد كبر سنه وأنقى شيبه. والذين رأيتهم يقومون بعلم الفراسة ثلاثة: شيخنا نجم الدين بن الكمال الصفدي الخطيب رحمه الله تعالى، وهذا الشيخ شمس الدين، والحكيم أسد اليهودي، وكان أصدقهم