كان القاضي نجم الدين هذا أكبر من أخيه القاضي جمال الدين عبد الله الآتي ذكره في حرف العين إن شاء الله تعالى، ولكنه لم يتفق له الدخول إلى ديوان الإنشاء إلا بعد أخيه جمال الدين عبد الله بمدة، وكان نجم الدين ينظم القريض غيدَّعي سامعُهُ أنه أنقُ من الروض الأريض، وأنه للطافته يأسو به القلب المريض، وتنظر الزهر الثواقب إلى زهرة الغض بطرفٍ غضيض، ويكتب فيوشِّي برود المهارق بقلمه ويرصع تيجان الطروس بجواهر كلمه، كأنما طروسُه وجتات طرّز وردها أسُ العذرار أو قطعٌ من الليل الداجي جرت فيها أنهارٌ من النهار:
زهراء أحلى في النفوس من المنى ... وألذّ من ريق الأحبّة في الفمِ
وكان دخوله في الديوان بعد موت والده رحمهما الله تعالى في سنة ثمانٍ وثلاثين وسبع مئة.
جاء إلى مصر وتوصّل بالأمير بدر الدين بن الخطير وتنجَّز له توقيعاً من السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون، وأقام إلى أن حضر القاضي شهاب الدين أحمد بن فضل الله صاحب ديوان الإنشاء بدمشق بعد إمساك الأمير سيف الدين تنكز، فجرت له معه كائنة خرج بسببها من الديوان، ثم إنه توجه إلى مصر وعاد بتوقيع ثان في زمن الملك الصالح إسماعيل.
وقد خرج القاضي شهاب الدين بن فضل الله وعزل، ولم يزل نجم الدين المذكور يكتب في ديوان الإنشاء إلى أن توجه في شهر رمضان سنة ثمانٍ وخمسين وسبع مئة إلى