ثغر بيروت لضبط متحصل الموقَّعين من الميناء. فأقام بها تارة يمرض إلى أن مات بعِلَّة الذَّربِ في أوائل ذي الحجة سنة ثمان وخمسين وسبع مئة، ولم يخلف ابناً غير ابنةٍ صغيرة عمرها تقدير سبعة أشهر.
وكنت قد كتبتُ إليه وأنا بمرج الغسُّوبلة:
مولاي نجم الدين يا من فضله ... قد عمَّني بخصائص الإحسانِ
أوحشتني في سفرة قضَّيتُها ... بالمرجِ منفرداً عن الخلان
فبكيتُ لما أن ذكرتك بالدِّمَا ... حتى مَلأتُ المَرجَ بالمرجان
فكتب هو الجواب إليَّ عن ذلك:
شوقي صلاحَ الدين نحوك لم يزل ... مع فرط وجدي آخذاً بعناني
أوحشت عيني منذ سِرت ولم تزل ... والله يا مولاي نصب عياني
راسلتني بلطائف يا حُسنها ... هي في الضمير رسائلُ الإخوانِ
لا كان هذا المرجُ أجرى عبرتي ... في الخد كالبحرين يلتقيان
لما بكيتُ الخلّ صار الدمع في ... عنق المحب " قلائد العقيان "
وكتبتُ أنا إليه وقد انقطع من الديوان:
أمولاي نجم الدين أوحشت خاطراً ... لبعدك بعد القرب والأنسُ دائبُ
فنار الجوى لم يطفِها من مدامعي ... لفقدك لما غبت عني السحائبُ