ناصر الدين، لأنه على مثله طوف وسعى ودار. وامتزج برؤساء الشام، حصل على مراده لما انتجع برقهم وشام، ثم توجه إلى حماة أيام الملك الأفضل، فصانه وحماه.
وأنزله من جوده الغامر في ربعه العامر وحماه، فأجرى عليه راتباً يكفيه، ولم يدع نوعاً من البر إلا ويجزل قسمه منه ويوفيه. فتخيرها مقاما، وشفى من داء فقره سقاما. وغرد بمدائحه لما أصبح بإحسانه وهو مطوق، وناضل الفقر بسهامه فأصاب مقاتله لما سددها إليه وفوق. ولما مات الأفضل رحمه الله تعالى لم يتخذ غير حماة سكنا، وألفه أهلها وألفهم، فصرح بشكرهم وكنى.
وكان يعرف النجامة، ويقول لمن سأله منها النجامه؟ ويعرف ما يتعلق بالإسطرلاب، ويتكلم على ما فيه من بروج الاستواء والانقلاب، وكتب الخط الفائق ورقا فيه درجاً، يعز على غيره أن ينال ما فيها من الدقائق. ونظم فنوناً من الشعر وغيره. وأمال الأعطاف بأسجاع طيره.
ولم يزل على حاله بحماة إلى أن أصابه الحمام بسهم رماه، فأصبح الغزي مغزوا، ووجوده إلى العدم معزوا.
وتوفي رحمه الله تعالى في العشر الأواخر من ذي القعدة في سابع عشر سنة إحدى وستين وسبع مئة.