ووجد في بيته بخان الخطيب بحماة، وهو سكنه، ميتاً بعد ثلاثة أيام وهو جالس، ووجد له خمسة وسبعون ديناراً مصرية هرجة، وثلاث مئة درهم، وقماش بدنه بيع بخمس مئة درهم، وكتبه مجلدات بيعت بست مئة درهم.
واجتمعت به غير مرة بالقاهرة ودمشق وصفد وحماة، وكان خفيفاً على القلوب حسن العشرة، كثير النادرة، حلو التنديب، قد برته الأيام في صحبة الناس ومخالطة الأكياس. وكان حسن الشكل ظريف الملبس يتأنق في مأكله ومشاربه، ولكنه ما كان يجلس في بيته إلا وحوله عفاش كثير من الزبادي والأواني، وكان يطبخ قدامه، فلهذا كان كثير العفاش. وأما محاضرته فلا تمل، وكانت له بديهة عظيمة وعنده جرأة وقوة عين زائدة، مع النظم الحلو والكتابة الحسنة. وما أحقه بقول الشريف الرضي في ابن حجاج رحمهم الله تعالى أجمعين وهي:
وما كنت أحسب أن الزما ... ن يغل مضارب ذاك اللسان
ليبك الزمان طويلاً علي ... ك فقد كنت خفة روح الزمان
أنشدته لنفسي بصفد سنة أربع وثلاثين وسبع مئة:
يا حسنه رشأ تخلى الليث عن ... وثباته وثباته في حربه
تروي السقام جفونه عن خصره ... عن عهده وعن الصبا عن صبه