ذكرتُها للسلطان الملك الناصر، وطلبتك فوفي له بما وعده، ودرّس بمصر بالمشهد الحسيني وبالزاوية المعروفة بابن الجميزي، ولما قدم مصر في الجفل أفهم أمراء الدولة أنه ليس في مصر مثله، وادّعى علماً كبيراً، وطلب المناظرة، وحضر الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد، وكان صدر الدين قد رتب شيئاً، فلما شرع فيه قال الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد: هذا كلامٌ معبّأ، وقال: يقرأ شخص آية فقرأ شخص آية، وذكر الشيخ سؤالاً، فشرع صدر الدين يتكلم، فانتدب له عز الدين النمراوي، فقال له الشيخ تقي الدين: التزم هذا يا غرّ، هذا جيد. وانفصل المجلس، والشيخ صدر الدين مغلوب.
ولما عاد الى القاهرة بعد مجيء الناصر من الكرك ولاه السلطان الملك الناصر تدريس الناصرية بين القصرين، وهو أول من درّس بها، وجهّزه السلطان الملك الناصر رسولاً الى مهنّا، فقال: حصل لي في هذه السفرة ثلاثون ألف درهم. وأظنه توجه إليه مرتين في سنة ثلاث عشرة، وجمع كتاب الأشباه والنظائر ومات ولم يحرره، فلذلك ربما وقعت فيه أغلاط. قال مولانا قاضي القضاة تاج الدين السبكي مثل حكايته عن بعض الأئمة وجهين فيما إذا كشف عورته في الخلاء زائداً على القدر المحتاج هل يأثم على كشف الجميع أو على القدر الزائد. وهذا لم نره في كتاب ويشبه أن تكون زلة قلم الى غير ذلك.