وكان شيخنا العلامة قاضي القضاة تقي الدين السبكي الشافعي رحمه الله تعالى يثني عليه ويقول: فاضل عصره. قال: دخلت عليه في المرض الذي توفي فيه رحمه الله تعالى، فقلت له: كيف تجدك؟ وكيف حالك؟ فأنشدني:
ورجعت لا أدري الطريق من البكا ... رجعتْ عداك المبغضون كمرجعي
وكان ذلك آخر عهدي به.
وقال القاضي شهاب الدين بن فضل الله: كان ابن الوكيل عارفاً بالطب علماً لا علاجاً، فاتفق أن شكا إليه الأفرم سوء هضم، فركّب له سفوفاً، وأحضره، فلما استعمله أفرط به الإسهال جداً، فأمسكه مماليك الأفرم ليقتلوه، فأُحضر أمين الدين سليمان الحكم لمعالجة الأفرم، فعالجه باستفراغ بقية المواد التي اندفعت، وحركها الشيخ صدر الدين، وأعطاه أمراق الفراريج، ثم أعطاه المُقبّضات حتى صلحت حاله. ولما عاد الأفرم الى وعيه سأل عن الشيخ صدر الدين بن الوكيل، فأخبره المماليك ما فعلوه به، فأنكر ذلك عليهم، وقال: أحضروه، فلما حضر قال: يا شيخ صدر الدين جئت أروح معك غلطاً، وهو يضحك. فقال له سليمان الحكيم: يا صدر الدين اشتغل بفقهك، ودع الطب فغلط المفتي يُستدرك، وغلط الطبيب ما يستدرك، فقال الأفرم: صدقٌ لك لا تخاطر. ثم قال لمماليكه: مثلُ صدر الدين ما يُتهم: والله الذي جرى عليه منكم أصعب من الذي جرى عليّ، وما أراد والله إلا الخير. فقبّل يده، وبعث إليه الأفرم لما انصرف جملة من القماش والدراهم.