فاستغفرت الله تعالى من ذلك الخاطر، وسألت الله تعالى له المغفرة والرحمة، وكان ظفري بهذين البيتين في سنة أربع وأربعين وسبع مئة، وما يبعد أنه كان يجازف في النقل وأخذه.
قيل: إنه دخل الى الأفرم يوماً، وقال: يا خُوند أنا أنقل للأسد ثلاثة آلاف اسم.
قلت: وهذا مبالغة عظيمة، والذي وقفت عليه في مجموع للأسد خمس مئة اسم، ولولده الشبل ثلاث مئة اسم الجملة ثمان مئة اسم.
والجيّد من شعره طبقة عليا، على أن شعره يقع في اللحن الخفي، على أنه بلغني عن مجد الدين التونسي أنه قال يوماً: ما اجتمعت بالشيخ صدر الدين إلا واستفدت منه فائدة في العربية، ولما توجه الى حلب وجد شيخنا علم الدين طلحة مستحضراً للعربية جيداً، لكنه كان يعرف الحاجبية وشروحها، وهي دائرة ضيّقة، فأخذ الشيخ صدر الدين شرح السيرافي لكتاب سيبويه، وأخذ يطالعه وينقل منه ما طمّ طلحة، وغطاه. وسبب اللحن الخفي الذي كان يقع له إنما اشتغل بالنحو وهو كبير السن، والنحو علم صغر يحتاج الى أن يمتزج باللحم والدم، وأنشدني كثيراً من شعره الشيخ شهاب الدين العسجدي، وقال: كنت معه. وكانت ليلة عيد، فوقف له فقير، وقال: شيء لله؟ فالتفت إليّ وقال: إيش معك؟ فقلت: مئتا درهم. فقال ادفعها الى هذا الفقير. فقلت له: يا سيدي الليلة العيد، وما معنا ما ننفقه غداً. فقال لي: امض الى القاضي كريم الدين، وقل له: الشيخ يهنئك بهذا العيد. فدفع إليّ ألفي درهم، وقال: هذه للشيخ، وكأنه يعوز نفقة في هذا العيد، ولك أنت