البكري، وحدّث بصحيح مسلم وشرح السُّنة للبغوي وبعدّة كتب ألفها وهي كثيرة، قال البكري: لعلها ابلغ ثلاث مئة مصنف، منها كتاب الفلاح ثلاث مجلدات ومصابيح الجنان ومدارج المعارج.
كان من بيت وزارة، وعلى وجهه من النسك والورع إنارة، مليح الشكل خاشعاً، ساكن الشر وادعاً، كثير التلاوة، ظاهر الطلاوة، يحط على ابن عربي ويكفره، وعلى من تابعه، ويعفره، ويحط على مصنفاته وينبه على محرفاته.
وكان كثير البر والإيثار، هامي الجود على ذوي الإعسار، يدخله من أملاكه نحو تسعين ألف درهم ينفقها في وجوه البر ويتصدق بها إما في الجهر وإما في السر.
زاره القان أبو سعيد واعتد بذلك أنه يوم عيد، وبنى خانقاه للصوفية، ووقف عليها وقوفاً مختلفة، وكان قد داخل التتار أولاً، واتصل بالقان أرغونبن أبغا، ونال من دنياه ما أمل وبغا، ثم إنه أقبل وأناب، ورجع وبات، ومرض بتبريز زماناً طويلاً، وامتد مرضه إلى أن كاد يأخذه أخذاً وبيلاً، ولما عوفي تعبد وتأله واختلى بعدما تجرد، وقدم بغداد، وصحت الشيخ عبد الرحمن وحج ثلاث مرات، ورد إلى الوطن، وخرج عن بعض ماله لنفقة المبرات، تردد كثيراً إلى بغداد.
ولم يزل إلى أن دنا من قبره وتدلى، وأعرض عن هذا العرض الفاني وولى، وكانت وفاته ليلة الجمعة بعد أن أوتر في شهر رجب الفرد سنة ست وثلاثين وسبع مئة، ودفن بقربة بيابانك.