أحمد بن محمد بن أحمد شهاب الدين الفار الشطرنجي، ويعرف بالجُرَّافة.
كان المذكور صغير الحبة لطيفها، كبير النفس شريفها، عليه من لقبه إشارة لا يكاد يخطئ شكل الفارة، وكان في أكله آفة، فلذلك لقب بالجرّافة.
وكان في الشطرنج عالية، والناس في عشرته متغالية، اجتمعت به غير مرة، ولقيت بمحادثه كلّ مسرّة، وكان يحفظ من المواليا شيئاً كثيراً إلى الغاية، وينظم هو أيضاً ما هو في بابه نهاية، آخر عهدي به سنة سبع وثلاثين وسبع مئة، ثم توجّهت إلى الديار المصرية سنة مس وأربعين وسبع مئة، ولم أره ولا سمعت خبره، والظاهر أن الفارَ وثب عليه من الموت سنَّوْرُه، وجاء من خمر المنيّة دَوْرُه.
وكان يوماً قد اقترح عليّ نظم بيتين مواليا يكون أول نصف كل بيت قلب القافية التي قبله، وكان في المجلس أكابر ورؤساء من أهل الأقلام والمحابر، وقال: إن هذا لا يقدر على نظمه ولا يعرف ناظم الوقوف على رسمه، فقلت له: إلى أن تفرغ من دستك هذا تسمع وتطمح بطَرفك إلى ما لا تطمع، وكان الأمر كما ذكرت، ولَطَفَ الله بما أشرتُ، وقلت والقافية على ما أراده: