للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الجزار ليس لشعره ... شعرٌ وأغلق في الورى دكانه

والفاضل المشهور أصبح خاملاً ... في نثره ورأى الورى نقصانه

وكذلك الجزري أنبت نثره ... روضاً فلم يرض الورى بستانه

وكذلك ابن الصيرفي لم ينتقد ... شيئاً، وعطل بعدها ميزانه

يا من قطعتُ به زماناً بالحمى ... سُقي الحمى ورعى الإله زمانه

عصرٌ متى أملى النسيم حديثه ... في الروض فتّح زهرُه آذانه

سجْعُ الحمام يلذ لي لا سيّما ... إن حركت أيدي الصبا عيدانه

فيجد لي ذكراك في تغريده ... وأروح ريان الحشا نشوانه

يا حسرتا ليت الحمام أعاد لي ... إحسانه فأعارني طيرانه

يقبّل الأرض، وينهي ورود الجواب الكريم على من ورَد، الجسيم الفضل الذي دخل باب الأعجاز وردّ، العميم الإحسان الذي يروي صدى من صدر عنه أو ورَد، فتلقاه بكلتا يديه، وضمه وشمّ أنفاسه، ووضعه على رأسه لا بل أتحف بالتاج رأسه، وفضه عن فضل نظم رأى ملائكة البلاغة حرّاسه، واستجلى من طرسه ياسمينة ومن سطره آسه، وبهت لرقم طروسه، الى أن قاس بالمسك الأذفر أنفاسه، ونظره فإذا هو قد اختبا له في اختباله، وما احتمى له احتماله، وخلط جسده بجسده، وعقل لسانه بحبلٍ من مسده، وصرفني عن معارضته بالجواب، وقال: الاعتراف بالقصور أولى وأليق بالصواب، فما أنت ومكاثرة الغمائم ومكابرة هذه السمائم ومنافحة هذه الكمائم، ومناوحة هذه الحمائم، أُدخل تحت ذيل الاعتراف وقل تبختري يا ديباجة البحتري، وفُوقي النظّارة يا نضارة المشتري، واخلبي القلوب يا أقلامه التي نفثت السحر في العُقد، وصولي على كتّاب هذا الزمان فقد نبّهت من هذا الفن ما أغفى ورقَد.

<<  <  ج: ص:  >  >>