وفي جمادى الأولى من السنة المذكورة ركب السلطان بأبّهة الملك وشعار السلطنة والتقليد الحاكمي أمامه، وعمره يومئذ خمس عشرة، ورُتِّب الأفرم نائباً بدمشق.
وفي عَود السلطنة الى الملك الناصر قال علاء الدين الوداعي، ومن خطّه نقلت:
الملكُ الناصرُ قد أقبلتْ ... دولته مشرقةَ الشمسِ
عاد الى كرسيّه مثلما ... عاد سليمانُ الى الكرسي
ولم يزل بمصر الى أن حضر غازان الى الشام، فخرج بالعساكر في أوائل سنة تسع وتسعين وست مئة، ودخل دمشق في ثامن شهر ربيع الأول بعدما طوّل الإقامة على غزة، وأقام في قلعة دمشق تسعة أيام، وعدّى التتار الفرات، فخرج السلطان وساق الى حمص، وركب بكرة الأربعاء سابع عشري الشهر المذكور، وساق الى وادي الخزندار، وكانت الوقعة، والتحم الحرب، واستحرّ القتل، ولاحت أمارات النصر للمسلمين، وثبتوا الى العصر، وثبت السلطان والخاصكية ثباتاً كلياً، فانكسرت ميمنة المسلمين، وجاءهم ما لا قبل لهم به، لأن الجيش لم يكن بكامل يومئذ، وكان جيش الإسلام بضعة وعشرين ألفاً، وكان جيشُ التتار يقارب المئة ألف، فيما قيل، وشرع المسلمون في الهزيمة، وأخذ الأمراء السلطان وتحيّزوا به، وحموا ظهورهم وساروا على درب بعلبك والبقاع، وبعض العسكر المكسور دخل الى دمشق، واستشهد جماعة من الأمراء، وخُطبَ بدمشق للملك المظفر غازان محمود، ورفع في ألقابه، وتولى قبجق النيابة عن التتار، وملك غازان دمشق خلا القلعة فإن قبجق في الباطن لاحظ أميرَها مع أرجواش وأبان أرجواش عن همة عظيمة في حفظها، على ما تقدّم