ورجع غازان من حلب ضيّقَ الصدر من كسر أصحابه يوم عُرْض، وبهذه الكسرة سقطت قواه، لأنه لم يعد إليه من أصحابه غير الثلث، وتخطّفهم أهل الحصون، وساق سلار وقبجق وراء المنهزمين الى القريتين، ولم ينكسر التتار هذه المرة.
حكى لي جماعة من دير بشير أنهم كانوا يأتون إلينا عشرين عشرين وأكثر وأقل، ويطلبون أن نعدّي بهم الفرات في الزواريق الى ذلك البر، فما نعدّي بمركب إلا ونقتل كلَّ من كان فيه، حتى إن النساء كنّ يضربن بالفؤوس ونحن نذبحهم في إثر ذلك، فما تركنا أحداً منهم يعيش.
وهذه الواقعة الى الآن في قلوبهم، وكان قد جاء كتاب غازان يقول فيه: ما جئنا هذه المرة إلا للفُرجة في الشام، فقال علاء الدين الوداعي في ذلك، ومن خطه نقلت:
قولوا لغازان بأن جيوشَهُ ... جاؤوا ففرّجناهم بالشام
في سرحةِ المرجِ التي هاماتُهم ... منشورها وشقائق الأجسام
ما كان أشأمَها عليهم فُرجةً ... غمّت وأبركها على الإسلام
وقال لما انهزم:
أتى غازان عدواً في جُنودٍ ... على أخذ البلاد غَدَوا حِراصا
فما كسَبوا سِوى قتلٍ وأسرٍ ... وأعطوهُ بحصّته حُصاصا