وقد نظم الناس في هذه الواقعة كثيراً، ومن أحسن ما وقفتُ عليه قول شمس الدين الطيبي - رحمه الله تعالى - وهو يقارب المئة بيت، وهذا الذي وقع لي منها وهو:
برقُ الصوارم للأبصار يختطِفُ ... والنّقعُ يحكي سَحاباً بالدِّما يكفُ
أحلى وأعلى وأغلى قيمةً وسنا ... من ريقِ ثغر الغَواني حينَ يُرتَشَفُ
وفي قدود القنا معنىً شُغفت به ... لا بالقدود التي قد زانها الهيَفُ
ومن غدا بالخُدود الحُمر ذا كلف ... فإنني بخدود البيض لي كلَفُ
ولامةُ الحرب في عينيّ أحسن من ... لامِ العذارِ التي في الخد تنعطف
كلاهما زردٌ هذا يُفيد وذا ... يُردي فشأنهما في الفعل يختلف
والخيل في طلب الأوتار صاهلةً ... ألذُّ لحناً من الأوتار تأتلف
ما مجلس الشّرب والأرطال دائرةٌ ... كموقف الحرب والأبطال تزدلف
والرّزقُ من تحت ظل الرمحِ مقترنٌ ... بالعزّ، والذلّ يأباهُ الفتى الصَّلف
لا عيشَ إلا لفتيانٍ إذا انتُدبوا ... ثاروا وإن نهضوا في غمةٍ كشفوا
يَقي بهم ملةَ الإسلام ناصرُها ... كما يقي الدرّة المكنونة الصّدف
قاموا لقوة دين الله ما وهنوا ... لما أصابهم فيه ولا ضعُفوا
وجاهدوا في سبيل الله فانتصروا ... من بعد ظُلمٍ ومما ساءَهم أنِفوا
لما أتَتْهُم جيوشُ الكُفر يَقدُمهم ... رأسُ الضّلال الذي في عقله جنَفُ
جاؤوا وكل مقامٍ ظلّ مُضطَرباً ... منهم وكل مَقامٍ بات يرتجفُ