فشاهدوا علمَ الإسلام مرتفعاً ... بالعدلِ فاسْتَيقنوا أن ليسَ ينصرف
لاقاهُمُ الفيلقُ الجرّارُ فانكسروا ... خوفَ العوامل بالتأنيث فانصرفوا
يا مرجَ صُفّر بيّضْت الوجوه كما ... فعلت من قبلُ بالإسلام يُؤتنف
أزَهْرُ روضِكَ أزهى عند نفحته ... أم يانعاتُ رؤوس فيكَ تُقتطَف
غدرانُ أرضك قد أضحَتْ لوارِدِها ... ممزوجةً بدماءِ المغلِ تُرتشف
زلّت على كتف المصري أرجلُهم ... فليس يدرون أنّى تؤكل الكتف
أوَوْا الى جبلٍ لو كان يعصمُهم ... من موج فوج المَنايا حين يختطف
دارت عليهم من الشُجعان دائرة ... فما نجا سالمٌ منهم وقد زحفوا
ونكّسوا منهم الأعلام فانهزموا ... ونكصوهُم على الأعقاب فانقصَفوا
ففي جماجمهم بيضُ الظّبي زُبَر ... وفي كلاكلهم سُمر القنا قِصَف
فرّوا من السيف ملعونينَ حيث سَرَوا ... وقُتّلوا في البَراري حيثما ثُقِفوا
فما استقامَ لهم في أعوجٍ نهَجٌ ... ولا أجار لهم من مانع كتف
وملّت الأرض قتلاهم بما قذَفَتْ ... منهم وقد ضاقَ منها المهمهْ القذف
والطير والوحش قد عافت لحومَهُم ... ففي مزاج الضواري منهم قرف
رُدّوا فكل طريق نحو أرضهِمُ ... تدلّ جاهلَها الأشلاءُ والجيف
وأدبَروا فتولّى قطعَ دابرهُم ... والحمد لله قومٌ للوغى ألِفوا
ساقوهم فسقَوا شطّ الفراتِ دماً ... وطمّهم بعُباب السّيل فانحرفوا
وأصبحوا بعدُ لا عينٌ ولا أثر ... غير القلاع عليها منهم شعف