وليس الملك محتاجاً الى أن ... يُعدّ كتائباً إن عدّ كتبه
له الفضلان في نظم ونثر ... إذا ما جال في شعر وخطبه
أيا مولاي عفواً عن محبّ ... تهجّم فالبعاد أذاب قلبه
بعثتُ بها إليك عسى تراها ... على بعد من المملوك قربه
فكتب هو الجواب:
شكراً لغرس بروض الفضل قد نبتا ... وودّه في صميم القلب قد ثبتا
أهدى إليّ كتاباً كنت أرقُبُه ... أزال عني من عيث النوى العَنَتا
مباركاً جاء بالحسنى فأحْسنَ لي ... وكيف لا وهو من عند الخليل أتى
لا زالت ألفاظه حلية الممالك، وودّه في النفوس ثابتاً وللقلوب خير مالك، ومنزله من فضل الله رحيب الساحات معموراً بالسماحات في رحبة مالك، وينهي ورود مشرّف سمح ببيانه، ونفح بعرفانه، وجنح الى عوائد إحسانه ولمح أشرف المعاني بإنسانه، وربح إذا بدا بفصل خطابه وفضل بنانه، أبى الله إلا أن يكون له الفضل في ابتدائه، والفوز بسبق تحيته وإنشائه، فقبّله المملوك تقبيلاً، وفضّه فإذا البيان جاء معه كان قَبيلا، ورأى أدباً غضاً، ونظماً ونثراً فاقا مَن سلفَ عصرَه وتقضّى. ولقد ذكر مولانا بأوقات قُربه، على أن المملوك ما زال يذكرها، وأقرّ عيناً ما برحت تشهد محاسنه وتنظرها:
أبلغ أخانا أدام الله نعمته ... أني وإن كنتُ لا ألقاه ألقاه
الله يعلم أني لست أذكره ... وكيف يذكره من ليس ينساه