الى دمشق في أواخر السنة المذكورة، وأقام بدمشق مدة، ثم توجه الى القاهرة وأقام بها مدة، الى أن رُتّب موقّعاً في الدست بدمشق، فحضر إليها في شهر رجب، فيما أظن سنة إحدى وخمسين وسبع مئة. ولم يزل على حاله الى أن توجه الى القدس، وتوفي في يومين في التاريخ.
وكنت أنا قد كتبت إليه بعد خروجي من مصر متوجهاً الى الرحبة كاتب الدّرج:
لما أتيت دِمشقاً بعد مصر وفي ... عطفيَّ منك بقايا الفضل للراجي
عُظِّمتُ من أجل مولانا وصحبته ... وقيل هذا بمصر صاحبُ التاج
وينهي بعد رفع الدعاء، وحمل لواء الولاء، وإشادة بناء الثناء، أن المملوك سطّرها وشوقُه قد ضاقت به الرحبة، وأغار على مثاقيل الصّبر فما ترك عند حبّة القلب حبة، وذكّره الأيام السالفة، حتى عاد نسيبه بها أعظم نسبه:
كأني لم أكن في مصرَ يوماً ... قطعْتُ به الوصال مع الأحبه
ونلتُ القرب من سادات دَسْتٍ ... محلّهم علا كيوانَ رُتبه
إذا عانيت في الإنشا حُلاهم ... تراهم بالنجوم الزهر أشبه
وإن سابقتهم علماً وفضلاً ... فأنت إذا نطقت سُكَيْتَ حلبه
فما ابن الصيرفي إذا أتاهم ... يُساوي عندهم في الفضل حبّه