والأدبيات، صحيح الذهن، يشرق نوره، مليح الفهم، كأنه الصبح إذا ملأ الأفق سفورُه، لا تُملُّ محاضرته، ولا تُذام معاشرته، أدبه غض، والإمتاع بأنسه نضّ، كريم الأخلاق، زكي الأعراق، كثير الحياء والاحتمال، قلما جُرح من إنسان إلا وكان سريع الاندمال.
إن كتب فما ابن مقلة عنده إنسان، ولا ابن البوّاب إلا واقف على بابه بعصا القلم يسأله الإحسان، ولا ابن العديم إلا له وزير، ولا الوليّ العجمي إلا وليّ له ونصير.
وإن نثر فالعماد مائل عن طريق، وابن الأثير لا يضرب المثل إلا في تحقيقه وتحريره.
وإن نظم فابنُ النبيه خامل، وابن الذّروي في الحضيض هامل، والجزار ما حلَت قيمه حلا قيمه، ولا جوّد تعاطي تقاطيفه، والسّراج ما نوّر بل نوّص في شعره وسوّد حائط تواليفه.
صحبته مدة فلم أرَ معه من الزمان شدة ونمت معه ليالي، وخالطته أياماً، ورعيت من حسن ودّه أراكاً وبريراً وبشاماً:
له هزّة من أريحيّة نفسه ... تكاد لها الأرض الجديبة تُعشِبُ
تجاوزَ غايات العقول مواهبا ... تكاد لها لولا العيان تكذّب
خلائق لو يلقى زيادٌ مثالَها ... إذاً لم يقل: أي الرجال المهذّب