مننتَ بنُعمى بلّغت كل منيةٍ ... ونلتُ بها المأمولَ قبل منيّتي
وأهدتْ الى قلبي الجريح قرارَهُ ... وجادتْ على طرفي القريح بقُرّةِ
مُشرَّفةٌ لم يأت عصرٌ بمثلها ... سقَتْ دارَ مُهديها سوافجُ عبرتي
وصلتَ بها عهدَ المسرّة مُحسناً ... وأنعمتَ لي منها بأحسن وُصلتي
وشرّفتَ من ذكري وشنّفتَ مَسمعي ... وأعليتَ من قدري وأغْليت قيمتي
فها أنا منها في صُعودٍ كأنما ... أحاول ما بين الكواكب ثُورَتي
وأهديتها عذراء بالحسن أفردتْ ... وما بينَ أغصانِ اليراع تثنّتِ
جلَتْ كل معنىً من بديعك باهرٍ ... وأبدت فُنوناً من علومكَ جلّتِ
ونادت فلبّتها المعاني مُجيبةً ... ولو غيرُها نادى المَعافي لندّتِ
حوتْ قصباتث السّبقِ كل غايةٍ ... فلم تكُ فيها كالتي قبلُ كلّتِ
فمن دُرّ نَظْمٍ لا يُسامُ لمفلسٍ ... ومن نَثر دُر لا يُسامى بنثرةِ
ومن وَشي خَطٍ فيه نُزّهت ناظري ... ومن سحر معنىً فيه أنشأتُ نشأتي
إليكَ صلاح الدين أشكو صبابتي ... وأرفع فيما رابني منك قصّتي
أقول بأن القلب مثواك دائماً ... وأشكو إليكَ الشوقَ في كل لحظةِ
وأشكر أياماً تقضّتْ بقربكم ... وقلّ لها شُكري وإن هي حلّتِ
وأشكر لكَ الأيام تلك بعينها ... فأعجبُ من شكري لها وشكيتي
تصدّت لنا بالوصلُ تُطعمُنا به ... فلما أجبناها تجنّت وصدّتِ
ولو أنها منّت بطول بقائها ... جنينا ثمارَ الوصل من حيثُ منّتِ
لعَمري أشواقي إليك شديدةٌ ... فهل تُفرج الأيام بالقُرب كُربتي
وإني لما سِرتَ عني ولم أكن ... بداري لبُعدي عنك في دار غُربتي
تناءَيتَ عن طرفي وأنت بمهجتي ... فها بصري يشكو إليك بصيرتي