للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقبّل كذا وينهي ورود المشرف فأكرِم به وارداً، وأَعزز علي به وافداً، يجلو على الأبصار ما شاء من زَيْن، ويَجلي عن البصائر ما شاء من رين، حائزاً من نظمه ونثره ربح الصناعتين، فائزاً من سحر بيانه ودرّ بنانه بأمدِّ الشرفين، والسّبق في الطرفين، والاستيلاء على الأمدين، والاستعلاء على الصّدفين، فمدّ الملوك إليه راحته، واستمدّ منه راحته، وأدار منه راحه، وألفى لديه انشراحه، ونال به على الدهر اقتراحه، بعدما وجد من فراق من به وجد، وقد أضرم بقلبه من نار الخليل لفقد الخليل ما وقَد، فراح كليم اشتياق في أليم احتراق، ينادي بلسان الأشواق:

قد لسعت حيّة النّوى كبدي ... ولا طبيب لها ولا راقِ

فوافته وقد شطت الدار، وتنادى عنه المزار، تحية باهى بلطفه الصبا وباهر في حسنها شمس الضحى، وبعرفها زهر الرُبا، فقال يا بشراي بعهدها الوفيّ وجمالها اليوسفي، أصدرت عن بشر أم ملَكْ، أم عن ملك البلاغة الذي ملك من درّ القول ما ملك، وترك لغيره من مخشلبه ما ترك، وأما فقده، حرسه الله تعالى، وهو بدمشق الفواكه الفتحية، فقد وقف المملوك على ما تضمنته تلك التحية، وهزّت منه عطفاً لتلك الأريحية، وإنما يجتني كما قال المقرّ الشهابي حرسه الله تعالى من غرس بدا صلاحه، ورُوِّضُ فلاحُه، وتفتح زهره فراق اختتامه بالمسك وافتتاحه، المملوك يلتمس التشريف بخدمه ومراسيمه ومهمّاته، والله يحرسه في حركاته وسكناته، إن شاء الله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>