للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكأنني بها كما عوّدَتْني ... عطفتْها عليّ تلك المعاطفْ

ثم قالت دعوهُ يحظى بوصلٍ ... إذ له مدةً على الباب واقفْ

فلله عزماتها التي لو شاءت جمعت بين الضبّ والنون، وأبدلت بالمنى موارد المنون، وما ذلك عليها بمشيئة الله تعالى بعزير ولا عتيد، وما هي إلا كلمة تدخل بالمملوك الى دار السعادة كما عوّدت من باب البريد.

وأما المثال العالي أعلاه الله تعالى وجعل القلوب في عليّ قدره تتوالى، فأعود الى وصفه نثراً وأستعير من كلماته في تقريظه درّا، فأقول: إنه اشتمل على المحاسن وغدا أنموذج الجنة التي خمرها مغتال وماؤها غير آسن، تقطر البلاغة من كلمه، وتشفّ الفصاحة من وراء ما سطّر بقلمه، وتغني رياضه الناضرة عن أراك الحمى وعن سلمه، ويهز الواقف على معانيه بالطرف من قرنه الى قدمه، يتحيّر الناظر فيه لتردده بين روض وأفق، ويتخيّر الماهر من لفظه تاجاً لفرقٍ أو قلادة لعنق:

قُل فكمْ من جواهرٍ بنظامِ ... وُدُّها أنها بفيكَ كلامُ

وأما عبودية المملوك التي تقدّمت فوالله ما توهم المملوك أن سيدي، حرسه الله تعالى، يتكلّف لها جواباً، ولا يفتح من بيوت نظمه المَصون لهذه الطارقة باباً. ولو تحقق هذا الأمر لأعطاها حِيلَهُ وحَيلَه وشدّ على شنّ الإغارة على المعاني الجامحة خَيله، وأعمل فكرة في تهذيب ما يهديه حتى يقال: هذا كتاب ليلة وألف ليلة.

ولما كان هذا مقام افتراص، واقتناء لجواهر كلِمِ سيدي واقتناص بعث هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>